صفات الزوجة الصالحة
الصفة الأولى
ذات دين، فهي مستقيمة على دين الله ظاهرًا وباطنًا، بلا توان أو
تردد أو تكاسل أو تسويف أو هوى، ليس بينها وبين زوجها مشاكل
حول طاعة الله تعالى وطاعة رسوله r، مؤتمرة بأوامر الشرع،
مجتنبة لنواهيه، وعلاوة على ذلك فهي يقظة الالتزام.
ذات دين: لأن هذا هو الاختيار الصحيح، الذي تفرضه شريعة الله،
ويؤيده العقل الصحيح والنفس المؤمنة، وتتجه إليه الفطرة السليمة.
وقد حض الإسلام الرجل على حسن اختياره لزوجته على الدين، حتى ينعم بصلاحها هو وأولاده وبيته.
قال : "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"
( أبو داود والنسائي ).
فذات الدين هي الزوجة الصالحة التي يجب على الرجل أن يتزوج بها، انطلاقًا
من قوله : "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة"(صحيح مسلم )،
وذلك للأسباب الآتية:
(1) خير متاع الدنيا كما في الحديث السابق.
(2) تعين الرجل على شطر دينه:
لقوله : "من رزقه الله امرأة صالحة، فقد أعانه على شطر دينه، فليتق الله في الشطر الثاني"
(رواه الطبرانى و صححه و حسنه الألباني في صحيح الترغيب ).
وعن أنس بنحوه بلفظ: "من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان فليتق الله في النصف الباقي"
(أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط").
(3) خير ما يتخذه المرء بعد تقوى الله تعالى:
فعن ثوبان رضي الله عنه قال: لما نزلت: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ
وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ[ [التوبة: 34]،
كنا مع رسول الله في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: أنزلت
في الذهب والفضة، لو علمنا أي المال خير فنتخذه؟ فقال رسول الله صلي الله عليه و سلم
"أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تُعينه على إيمانه"(رواه الترمذي).
(4) تعينه على طاعة الله وأمور الآخرة:
وذلك لقوله : "رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء،
ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء"
(أحمد وأبو داوود).
فالله أكبر على هذه الزوجة المؤمنة الصالحة، الحريصة على أداء النوافل، بل وعونها لزوجها على أدائها، فكيف بالفرائض؟!
(5) تنجب له الولد الصالح الذي ينفعه في الدنيا والآخرة:
وذلك لقوله : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث؛ علم يُنتفع به، أو صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له"
(رواه مسلم).
ولحديث: "إن الرجل لترفع درجته في الجنة، فيقول: أنى لي هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك"
( رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).
لذا فإنه يستحب عند الجماع أن ينوي كل من الرجل والمرأة طلب الولد الصالح، قال تعالى: ]فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ[ [البقرة: 187]،
(أي لا تباشروهن لقضاء الشهوة وحدها، ولكن لابتغاء ما وضع الله في النكاح من التناسل)(رواه النسائي والحاكم وغيرهما، وحسنه الألباني).
(6) هي وحدها التي تحقق للرجل أهم عناصر السعادة الزوجية:
وذلك لأن منطلقاتها وغايتها في الحياة تختلف اختلافًا كبيرًا عن منطلقات وغاية المرأة العادية.
قيل لرسول الله : أي النساء خير؟ قال: "التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره"(رواه أحمد والنسائي وابو داوود).
وصدق من قال:
وخير النساء من سَرَّت الزوج منظرًا
قصيرةُ ألفاظٍ، قصيرة بيتها
عليك بذات الدين تظفر بالمنى
ومن حفظته في مغيب ومشهد
قصيرةُ طرف العين عن كل أبعد
الودود الولود الأصلِ ذات التَعبد
إذن فاختيار المرأة الصالحة ذات الدين زوجة للرجل، هو الاختيار الصائب والضروري.
فهي مستقيمة على دين الله ظاهرًا وباطنًا، بلا توان أو تردد أو تكاسل أو تسويف أو هوى:
فالاستقامة على الدين عندها، ليست استقامة القشور والمظاهر، وإنما استقامة حقيقية
يحبها الله تعالى، وهي موافقة العمل للأحكام الشرعية وإخلاصه لله عز وجل،
هي استقامة استواء الظاهر والباطن وتناسقهما، بحيث لا تفعل فعلاً يخالف القول،
أو تقول قولاً يخالف الفعل، فهي تعيش بالإسلام واقعًا حقيقيًا صادقًا ملموسًا،
فنجد عملها يوافق قولها، ومخبرها يوافق مظهرها؛ لأنها تعمل ألف حساب
لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}
[الصف: 2، 3].
لذا فإن استقامتها على الدين يحملها على طاعة مطلقة لله تعالى ولرسوله بلا تردد أو تكاسل،
ثم تنطلق بكل خضوع وحب لله طالبة رضا الله والدار الآخرة.
ليس بينها وبين زوجها مشاكل حول طاعة الله تعالى وطاعة رسوله ، مؤتمرة بأوامر الشرع،
مجتنبة لنواهيه:
الإيمان قد اختمر في قلبها، والخوف من الله أصبح قائدها، والجنة غايتها؛
لذا فهي تقف على قاعدة السمع والطاعة لله ولرسوله ، وبالتالي لا توجد مشاكل بينها وبين
زوجها في ذلك الجانب.
وهذا بخلاف من زوجها يحضها على طاعة الله وهي معرضة، ومن زوجها يحبب إليها الإيمان والعمل الصالح
وهي نافرة متبعة لهواها، فتنشأ مشاكل خطيرة بينهما، تجعل الحياة الزوجية بينهما دائمًا في قلق واضطراب.
وإن عبودية المرأة لربها تدفعها إلى كل طاعة تُقربها من الله تعالى،
فهلاَّ قامت المرأة بالوظيفة التي خُلقت من أجلها، ألا وهي عبادة الله تعالى وحده.
وعلاوة على ذلك فهي يقظة الالتزام: وأعني بذلك أنها لا يفوتها فرصة تستطيع
أن تعلم أولادها من خلالها سُنّة مثلاً، أو توجه زوجها إلى طاعة غفل أو كسل عنها، إلا ونبهت وأرشدت.
فإذا عطس ولدها مثلاً، لا تترك الأمر يمر بدون تعليم أو توجيه فتعلمه أن يقول: الحمد لله،
فإذا تعلمها لا تنسى أو تتكاسل أن ترد عليه فتقول: يرحمك الله، ثم يرد عليها الولد: يهديكم الله ويصلح بالكم.
وهذا مثال يوضح ما أعنيه بيقظة الالتزام عندها، وهذا ناشئ بالطبع من انشغالها الدائم بدينها، لدرجة أنها لا تُفوِّت فرصة تستطيع أن تعلم من خلالها أدبًا أو خلقًا إسلاميًا إلا وقامت به.
وكذلك تعلم ابنها أذكار الاستيقاظ من النوم،
وأذكار الصباح والمساء، وتسأل زوجها لِمَ لَمْ تصل الفجر اليوم... وهكذا.
الي اللقاء مع الصفة الثانية
كل الود